أعمدة واراء

الصحفيون جنود الحقيقة

الصحفيون جنود الحقيقة
زيد الحلي
طاقم إعلامي كامل، استهدفه الكيان الصهيوني الأحد المنصرم في غزّة ، في جريمة جديدة تضاف إلى سجل الاحتلال الإسرائيلي الحافل بالانتهاكات، مما أدى إلى استشهاد اثنين من المراسلين ومثلهما من المصورين وسائق أثناء تأدية واجبهم المهني والإنساني في نقل الحقيقة من قلب الميدان. هذه الجريمة، التي طالت أصحاب الكلمة الحرة والكاميرا الصادقة، لم تكن حادثا عابرا، بل حلقة في سلسلة طويلة من الاستهداف الممنهج للصحافة والإعلام في الأراضي الفلسطينية.
إن الاعتداء على الصحفيين، ولاسيما في مناطق النزاعات، يعد خرقا صارخا لكل القوانين والمواثيق الدولية، وعلى رأسها اتفاقيات جنيف التي نصت بوضوح على حماية الإعلاميين باعتبارهم مدنيين، ومنحتهم حصانة خاصة تُمكّنهم من أداء دورهم في كشف الحقائق ونقل معاناة الشعوب. لكن إسرائيل، وكعادتها، تضرب بهذه القوانين عرض الحائط، وتستمر في استهداف الشهود على جرائمها، في محاولة لإسكات الصوت الذي يفضح ممارساتها أمام العالم.
الصمت الدولي المريب أمام هذه الجرائم يضاعف من فداحتها، ويكشف حجم التواطؤ أو العجز الذي أصاب المؤسسات الدولية المعنية بحقوق الإنسان وحرية الصحافة. فحين تُستباح أرواح الصحفيين في وضح النهار، وتُهدم مقار الإعلام وتُدمر أدوات نقل الحقيقة، دون أن يتحرك المجتمع الدولي بخطوات عملية، فإن ذلك يشكل خزيا وعارا على جبين الإنسانية جمعاء.
هؤلاء الشهداء لم يحملوا سلاحا، ولم يدخلوا معركة إلا معركة الحقيقة، ولم يقاتلوا إلا بالكلمة والصورة، لكنهم واجهوا آلة قتل لا تفرق بين مسلح وأعزل. لقد رحلوا وتركوا لنا وصية الشرف المهني بأن نواصل نقل الحقيقة مهما كان الثمن، وأن نقف صفًا واحدًا في وجه القمع والترهيب.
ومع استنكارنا لهذه الجريمة النكراء، نطالب بفتح تحقيق دولي عاجل لمحاسبة المسؤولين عنها، والعمل الجاد على توفير حماية حقيقية للصحفيين في مناطق النزاعات، وعدم الاكتفاء ببيانات الشجب والاستنكار التي لم تعد تردع مجرمًا أو توقف نزيف الدم.
لا إله إلا الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله. سيبقى الصحفيون أحرار الكلمة جنود الحقيقة، وسيظل دمهم شاهدا على أن الكلمة الصادقة أقوى من رصاص الظلم، وأن إرادة الشعوب في معرفة الحقيقة لا يمكن أن تُقمع أو تُقتل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى