اخبار وتقاريرسياسة

سياسة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب في الشرق الأوسط

هل تغيرت الأمور مع عودته إلى البيت الأبيض؟

الموقف الرابع :

تظل منطقة الشرق الأوسط واحدة من أكثر المناطق تعقيدًا في السياسة الدولية، حيث تتداخل فيها المصالح الاقتصادية، الأمنية، والدينية. ومع عودة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة في عام 2025، يترقب العالم كيف ستتغير أو تستمر سياسته تجاه هذه المنطقة الحيوية. منذ انتخابه في نوفمبر 2024 وحتى تنصيبه رسميًا في يناير 2025، بدأ ترامب في اتخاذ مواقف وتصريحات تتعلق بالشرق الأوسط، ما يثير تساؤلات حول سياسة أمريكا في هذه المنطقة تحت إدارته الثانية.

العودة إلى السياسة الخارجية المباشرة

أحد العناصر التي تميز فترة ترامب الأولى في الرئاسة كانت أسلوبه المباشر وغير التقليدي في التعامل مع القضايا الدولية، بما في ذلك الشرق الأوسط. فقد أكد مرارًا أنه ينوي تركيز سياسته الخارجية على المصالح الأمريكية، دون الانخراط في صراعات طويلة الأمد في المنطقة. وهو ما تجسد في تعهده خلال حملته الانتخابية بإنهاء الحروب التي نشبت بعد فترة ولايته الأولى، وهي الحروب التي دارت في دول مثل العراق وأفغانستان وسوريا. وأحد أبرز تصريحاته التي أثارت الاهتمام كان عندما حذر بأن “أبواب الجحيم ستفتح في الشرق الأوسط إذا لم يُطلق سراح الرهائن ويتوقف إطلاق النار في غزة”، في إشارة إلى التوترات المستمرة بين إسرائيل والفلسطينيين.

التوجهات الجديدة في التعامل مع إسرائيل

لقد كان الرئيس ترامب من أكثر الرؤساء الأمريكيين دعمًا لإسرائيل. ففي ولايته الأولى، قام بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، ما شكل خطوة تاريخية في السياسة الأمريكية تجاه القدس وقضية السلام في الشرق الأوسط. وتحت حكمه، شهدت العلاقات الأمريكية الإسرائيلية تحسنًا كبيرًا. ومع عودته إلى البيت الأبيض، يتوقع البعض أن يستمر ترامب في دعم إسرائيل بشكل قوي، وربما يضاعف من موقفه المتشدد تجاه إيران، التي تعتبرها إسرائيل تهديدًا وجوديًا.

لكن السؤال يبقى: هل تغيرت إسرائيل منذ ولاية ترامب الأولى؟ يعتقد البعض أن تغيرات كبيرة قد شهدتها السياسة الإسرائيلية على مدى السنوات الماضية، مثل تعزيز التعاون مع دول عربية في إطار ما عرف باتفاقات “أبراهام”. هذه الديناميكية قد تغير من حسابات ترامب، حيث يجد نفسه أمام منطقة أكثر تطورًا من الناحية السياسية، الأمر الذي قد يغير من سياسته تجاه قضايا مثل السلام مع الفلسطينيين.

الشرق الأوسط: بين التحالفات والمصالح

في سياسته للمنطقة، لا يبدو أن ترامب يخطط لتغيير استراتيجيته تجاه حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. فمن خلال تعزيز التحالفات مع المملكة العربية السعودية والإمارات ومصر، يسعى ترامب إلى مواصلة سياسة الضغط على إيران، التي تعتبرها الولايات المتحدة ودول الخليج تهديدًا مباشرًا لأمن المنطقة. كما أن الدعم العسكري الأمريكي لبعض هذه الدول قد يستمر في مواجهة التحديات الإقليمية.

وبالنسبة للقضية الفلسطينية، يبدو أن ترامب سيظل ملتزمًا بمواقف قد تعتبرها بعض الأطراف الفلسطينية غير متوازنة، خاصة في ظل دعمه الشديد لإسرائيل. ومن المرجح أن تستمر المحاولات الأمريكية لإيجاد حلول توافقية للأزمة، ولكن دون التفاؤل الكبير من جانب الفلسطينيين، الذين يرون في سياسات ترامب تهديدًا لمصالحهم.

هل تغيّر ترامب؟

من الواضح أن ترامب لم يتغير كثيرًا منذ ولايته الأولى. فما زال يفضل الأسلوب المباشر والصريح في التعامل مع القضايا الدولية، ويؤكد في تصريحات عديدة على أهمية “أميركا أولًا”. لكن في الوقت ذاته، تظهر تعقيدات جديدة في المنطقة قد تتطلب منه تعديل بعض مواقفه. فهل ستكون هذه التعديلات لصالح السلام والاستقرار في الشرق الأوسط؟ أم أن السياسة الأمريكية ستظل تتأرجح بين استراتيجيات المصالح والضغوط على الأطراف المختلفة؟

الخاتمة

بعودة ترامب إلى البيت الأبيض في 2025، يبدو أن سياساته في الشرق الأوسط لن تتغير جذريًا عن تلك التي اتبعها في ولايته الأولى. ومع ذلك، يبقى المستقبل غير واضح تمامًا، خاصة في ظل التغيرات الإقليمية والتحولات السياسية التي تشهدها المنطقة. من المحتمل أن يكون ترامب أكثر انخراطًا في تعزيز التحالفات التقليدية بينما يسعى لفرض سياسة ضغط على القوى الإقليمية مثل إيران، في حين قد يواصل تأكيد دعمه لإسرائيل وتوسيع التعاون مع الدول العربية المعتدلة. ولكن في النهاية، ستكون الأجوبة على هذه الأسئلة مرهونة بتطورات الأحداث في الشرق الأوسط وقرارات الرئيس الأمريكي الجديد في الأشهر المقبلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى